يُعد التنفيذ الجبري للأحكام القضائية من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة وضمان حقوق الأفراد، حيث يُمكّن أصحاب الحقوق من استيفاء حقوقهم المقررة بموجب أحكام قضائية نهائية، وفي المملكة العربية السعودية، نظم نظام التنفيذ الصادر عن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء إجراءات وآليات التنفيذ الجبري، محددًا اختصاصات الجهات المعنية وضوابط التنفيذ، وقد شهد النظام في عام 1446هـ تعديلات هامة لتعزيز فاعلية الإجراءات، وضمان سرعة وكفاءة التنفيذ، وتوسيع نطاق السندات التنفيذية.
أولاً: مفهوم التنفيذ الجبري:
التنفيذ الجبري هو الإجراءات القانونية التي تتخذها السلطة القضائية لإجبار المدين على الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في السند التنفيذي، سواء كان حكمًا قضائيًا أو قرارًا أو مستندًا له قوة التنفيذ، ويأتي هذا التنفيذ وفق خطوات محددة تكفل حفظ الحقوق وتحقيق العدالة.
ثانيًا: اختصاصات قاضي التنفيذ:
حدد نظام التنفيذ اختصاصات قاضي التنفيذ، حيث نص على أن قاضي التنفيذ يختص بسلطة التنفيذ الجبري والإشراف عليه، ويعاونه في ذلك مأمورو التنفيذ، كما نص النظام على أن قاضي التنفيذ يختص بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وله إصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، بما في ذلك:
• الأمر بالاستعانة بالشرطة أو القوة المختصة.
• الأمر بالمنع من السفر ورفعه.
• الأمر بالحبس والإفراج.
• الأمر بالإفصاح عن الأصول.
• النظر في دعوى الإعسار.
وقد أكدت التعديلات الجديدة لعام 1446هـ على توسيع سلطات قاضي التنفيذ، بما في ذلك التحول الرقمي للإجراءات وسرعة الفصل في المنازعات.
ثالثًا: السندات التنفيذية:
عرف النظام السند التنفيذي بأنه الوثيقة التي تُعطي لصاحب الحق إمكانية المطالبة بتنفيذها جبريًا.
وتشمل السندات التنفيذية:
• الأحكام القضائية.
• الأوامر والقرارات.
• العقود الموثقة.
• الأوراق التجارية (السند لأمر، الكمبيالات).
• أحكام المحكمين المذيلة بأمر التنفيذ.
• محاضر الصلح الصادرة من الجهات المخولة.
وقد شملت تعديلات 1446هـ إضافة مزيد من الوثائق التي تُعد سندات تنفيذية، وأتاحت توثيق بعض الالتزامات إلكترونيًا لتكون قابلة للتنفيذ.
رابعًا: إجراءات التنفيذ:
تبدأ إجراءات التنفيذ بتقديم طلب التنفيذ إلى محكمة التنفيذ المختصة، مرفقًا بالسند التنفيذي.
يقوم قاضي التنفيذ بإصدار أمر التنفيذ، ويُكلف مأمور التنفيذ باتخاذ الإجراءات اللازمة، والتي قد تشمل:
• إبلاغ المدين بأمر التنفيذ.
• الحجز على أموال المدين المنقولة وغير المنقولة.
• الإفصاح عن الأصول المالية.
• البيع القضائي للأصول المحجوزة.
• اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة لضمان التنفيذ.
• التنفيذ الإلكتروني لبعض السندات دون مراجعة المحكمة في بعض الحالات، وفقًا للتعديلات الأخيرة.
خامسًا: ضمانات التنفيذ العادل:
حرص النظام على توفير ضمانات للمدين، منها:
• إمكانية الاعتراض على إجراءات التنفيذ أمام قاضي التنفيذ.
• النظر في دعاوى الإعسار وفقًا للإجراءات النظامية.
• منع الحجز على بعض الأموال التي لا يجوز التنفيذ عليها، مثل: المسكن الخاص،
أدوات العمل، المركبة الخاصة التي لا تزيد قيمتها على حد معين.
كما أضافت التعديلات إجراءات خاصة لحماية المدين في حالات الإعسار المؤقت، وإمكانية التسوية مع الدائنين.
استنادا إلى ما سبق يُبرز نظام التنفيذ السعودي لعام 1446هـ حرص المشرّع على تحقيق التوازن بين حقوق الدائنين وضمانات المدينين، من خلال تنظيم دقيق لإجراءات التنفيذ الجبري، وتحديد اختصاصات الجهات المعنية، وتوفير الضمانات القانونية اللازمة.
وتُعد التعديلات الأخيرة نقلة نوعية تهدف إلى تسريع إجراءات التنفيذ، ورفع كفاءة المحاكم، وتحقيق العدالة الناجزة.
إضافة تعليق جديد