يعد التشهير من الجرائم التي تمس سمعة الأفراد وكرامتهم، وقد حرص النظام السعودي على تجريمها لما تحدثه من آثار سلبية اجتماعية ونفسية على المتضرر.
ويقصد بالتشهير: نشر أو تداول أقوال أو صور أو معلومات أو محتوى من شأنه الإضرار بسمعة شخص أو مكانته أمام الآخرين، سواء بالوسائل التقليدية أو عبر الوسائط التقنية الحديثة.
ويعالج النظام السعودي هذه الجريمة جنائيا بفرض العقوبات ونظاميا بتمكين المتضرر من المطالبة بحقه الخاص والتعويض عن الضرر.
أولًا: أنواع التشهير:
يمكن تقسيم التشهير إلى أنواع بحسب الوسيلة وطريقة النشر، وهي كالتالي:
- التشهير الكتابي: يتم عبر الصحف أو المقالات المكتوبة أو النشرات الورقية.
- التشهير الشفهي: يتم عن طريق الأحاديث أو التصريحات أو نقل الكلام في المجالس العامة أو الخاصة.
- التشهير الإلكتروني: يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الرسائل الإلكترونية، أو التطبيقات الإلكترونية، أو أي وسيلة تقنية.
- التشهير المتعدد الوسائل: قد يتخذ التشهير صورا تجمع بين أكثر من وسيلة، كأن ينشر محتوى مكتوب مرفق بصورة أو مقطع صوتي على الإنترنت.
ثانيا: الأساس النظامي للتشهير الإلكتروني:
نص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على أن التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات يعد جريمة يعاقب عليها النظام.
ويعد هذا النص هو الأساس النظامي المباشر لتجريم التشهير الإلكتروني في المملكة، ويشمل أي نشر أو تداول إلكتروني يسيء إلى سمعة شخص أو اعتباره أو يسبب له ضررا ماديا أو معنويا.
ثالثًا: أركان جريمة التشهير:
1- الركن القانوني: ويتمثل في وجود نص نظامي يجرم فعل التشهير، وقد نص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على أن التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات يعد جريمة يعاقب عليها مرتكبها.
2- الركن المادي: وهو الفعل الملموس المتمثل في نشر أو تداول قول أو محتوى أو صورة أو مادة مرئية أو مسموعة تسيء إلى شخص أو تلحق الضرر بسمعته أو مكانته أمام الآخرين، سواء تم ذلك عبر الوسائل التقليدية أو باستخدام الوسائط التقنية الحديثة.
3- الركن المعنوي: ويقصد به القصد الجنائي، أي أن يكون الجاني قد تعمد القيام بالفعل وهو يعلم أن من شأنه الإضرار بالمجني عليه أو المساس باعتباره أو مكانته الاجتماعية.
وبتوافر هذه الأركان تعد الجريمة قائمة نظامًا، ويعاقب مرتكبها بالعقوبات المقررة وفقًا لأحكام نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
رابعا: العقوبات النظامية:
حدد النظام العقوبات المترتبة على جريمة التشهير الإلكتروني وفقا لجسامة الفعل والأثر المترتب عليه، على النحو الآتي:
1- العقوبة الأساسية:
يعاقب مرتكب جريمة التشهير عبر الوسائل التقنية بالسجن مدة لا تزيد على سنة واحدة، أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة ألف ريال، أو بهما معًا.
خامسا: الحق الخاص والتعويض عن الضرر:
يحق للمتضرر من التشهير المطالبة بحقه الخاص والتعويض عن الضرر المادي أو المعنوي الذي لحق به نتيجة الفعل، ويتم ذلك من خلال الادعاء بالحق الخاص أمام النيابة العامة أثناء التحقيق، أو برفع دعوى أمام المحكمة المختصة، ويقدر القاضي قيمة التعويض بناء على حجم الضرر والأدلة المقدمة من المتضرر.
سادسا: آلية التبليغ والإجراءات النظامية:
أتاحت الجهات المختصة في المملكة قنوات رسمية لتقديم البلاغات عن جرائم التشهير الإلكتروني، وهي:
- تطبيق “كلنا أمن” التابع لوزارة الداخلية.
- منصة “أبشر” الإلكترونية.
- خدمة مكافحة الجرائم المعلوماتية لدى النيابة العامة.
- بوابة “ناجز” التابعة لوزارة العدل لتقديم صحيفة الدعوى إلكترونيا.
وعند تقديم البلاغ، يجب إرفاق جميع الأدلة التي تثبت الواقعة مثل الصور، التسجيلات، روابط النشر، لقطات الشاشة، وأي مستندات أخرى تدعم الدعوى.
وبعد استلام البلاغ، تجري النيابة العامة التحقيق اللازم، ثم تحال القضية إلى المحكمة المختصة في حال ثبوت أركان الجريمة.
أخيرا فإن جريمة التشهير تعد من الجرائم التي تمس كرامة الإنسان واعتباره في المجتمع، ولهذا شدد النظام السعودي على معاقبة مرتكبيها بما يردع الإساءة ويحمي الأفراد من الضرر، وقد نص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على أن التشهير عبر الوسائل التقنية جريمة يعاقب عليها بالسجن أو الغرامة أو بهما معًا، مع حفظ حق المتضرر في المطالبة بحقه الخاص والتعويض عن الضرر أمام الجهات القضائية المختصة.
وبذلك يؤكد النظام على مبدأين أساسيين: الردع العام للجريمة وحماية سمعة الإنسان وحقوقه الخاصة.
إضافة تعليق جديد